سورة إبراهيم [14:1]
سورة إبراهيم
ترتيبها في القرآن (14)، وفي النّزول (72)؛ نزلت بعد سورة نوح (71).
﴿الٓر كِتَٰبٌ أَنزَلْنَٰهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ﴾:
﴿الٓر﴾: ارجع إلى الآية (1) من سورة البقرة.
﴿كِتَٰبٌ﴾: كتابٌ: أي: القرآن؛ فهو يسمّى: كتاباً؛ لأنّه مكتوب في الأسطر، وفي اللوح المحفوظ، ويسمّى: قرآناً؛ لأنّه مقروء، وله أسماء أخرى كثيرة؛ ارجع إلى الآية (2) من سورة البقرة.
كتاب: بصيغة النكرة؛ للتّعظيم، والتّفخيم.
﴿أَنزَلْنَٰهُ﴾: أي: جملة واحدة (دفعة واحدة)، من اللّوح المحفوظ إلى السّماء الدّنيا في ليلة القدر.
﴿إِلَيْكَ﴾: ولم يقل عليك.
﴿إِلَى﴾: تفيد عموم الغايات؛ أي: لتبلّغ النّاس ما أنزل إليهم من ربهم، ولمعرفة الفرق بين إليك، وعليك: ارجع إلى الآية (3) من سورة آل عمران، والآية (4) من سورة البقرة.
﴿لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ﴾: لتخرج: اللام: لام التّعليل، والتّوكيد؛ تخرج النّاس: بدعوتهم إلى الإيمان، وتبليغهم ما أنزل إليك.
﴿ٱلنَّاسَ﴾: مشتقة من النّوس؛ أي: الحركة الّتي هي صفتهم، وتشمل الجن، والإنس.
﴿مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ﴾: من: ابتدائية.
﴿ٱلظُّلُمَٰتِ﴾: جمع: ظلمة، وتشمل: ظلمة الجهل، والضّلال، والتّقليد، والشّرك، والكفر.
﴿إِلَى ٱلنُّورِ﴾: الإيمان، والتّوحيد، والعلم، والنّور: مفرد، بينما الظّلمات: جمع، أو كثرة. دائماً في القرآن يجمع الظّلمات؛ لأن الظّلمات مختلفة، وأمّا النّور: فهو واحد، وذلك لأن النور سببه أو مصدره هو الله سبحانه وتعالى، والله سبحانه واحد كقوله تعالى: ﴿ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ﴾ [النور:35]، وأما الظلمات متعددة لتعدد أسبابها، أو مصادرها: الطاغوت، والأنفس، والأهواء، والشياطين، والأصنام.
﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾: بإذن: بأمر ربهم، وإرادته، وتوفيقه، وعونه، والباء: للإلصاق، والتّوكيد، وبإذن ربهم. الإذن: اسم للكلام الذي يفيد إباحة فعل، أو قول، وتستعمل للعمل الّذي ليس لنا تدخل فيه؛ أي: هو تدبير خارج عن إرادتنا، بينما القول: (إن شاء الله) تستعمل للأمر الّذي لنا شأن، أو تدخل به، أو نقوم به.
﴿إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ﴾: إلى: تفيد عموم الغاية.
﴿صِرَٰطِ﴾: دين الله، وهو الإسلام، والصّراط: هو الطّريق المستقيم الواضح الموصل إلى الغاية بأقصر مسافة، وأقصر زمن، وبسهولة.
﴿ٱلْعَزِيزِ﴾: القوي الّذي لا يُغلب، ولا يُقهر، والممتنع.
﴿ٱلْحَمِيدِ﴾: صيغة مبالغة من الحمد؛ كثير الحمد من خلقه؛ فهو المحمود، سواء حمده خلقه، أم لم يحمدوه؛ فهو المحمود في ذاته، والّذي ثبتت له صفة الحمد من قبل أن يوجد من يحمده. ارجع إلى سورة الفاتحة الآية (2) لمزيد من البيان، وإذا قارنا هذه الآية مع الآية (24) من سورة الحج، وهي قوله تعالى: ﴿وَهُدُوٓا۟ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوٓا۟ إِلَىٰ صِرَٰطِ ٱلْحَمِيدِ﴾ نجده حذف اسم العزيز؛ ارجع إلى سورة الحج لمعرفة السبب.