سورة البقرة [2:1]
سورة البقرة
ترتيبها في القرآن السورة الثانية، وترتيبها في النّزول (87)
﴿الٓمٓ﴾:
بالنسبة للحروف المقطعة، في أوائل السور، يجب أنّ نعلم الحقائق التالية:
هناك (29) سورة في القرآن، بدأت بهذه الحروف المقطعة، وسمِّيت مقطعة؛ لأنَّ كل حرف ينطق بمفرده، مثل: ألف، لام، ميم، والحروف المقطعة عددها (14) حرفاً، من حروف الهجاء الـ (29).
هي: الألف، واللام، والميم، والصاد، والراء، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والطاء، والسين، والحاء، والقاف، والنون.
إذا نظرت إلى هذه الأربعة عشر حرفاً، وجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف، يعني ذلك، فيها من المهموسة نصفها: الصاد، والكاف، والهاء، والسين، والحاء، ومن المجهورة نصفها الألف، واللام، والميم، والراء، والعين، والطاء، والقاف، والياء، والنون.
ومن الشديدة نصفها: الألف، والكاف، والطاء، والقاف، ومن الرخوة نصفها: اللام، والميم، والراء، والصاد، والهاء، والعين، والسين، والحاء، والياء، والنون، ومن المطبقة؛ نصفها: الصاد، والطاء، ومن المنفتحة نصفها: الألف، واللام، والميم، والراء، والكاف، والهاء، والعين، والسين، والحاء، والقاف، والياء، والنون.
ومن المستعلية نصفها: القاف، والصاد، والطاء، ومن المنخفضة نصفها: الألف، واللام، والميم، والراء، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والسين، والحاء، والنون، ومن حروف القلقلة نصفها: القاف، والطاء.
بعض هذه الحروف؛ وردت كآية، مثل: ﴿الٓمٓ ذَٰلِكَ ٱلْكِتَٰبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾: [البقرة:1]. وبعضها، ورد كجزء من آية، مثل ﴿الٓمٓر تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱلْكِتَٰبِ وَٱلَّذِىٓ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ [الرعد:1].
تجمع هذه الحروف الأربعة عشر جملة: نصٌّ حكيمٌ قاطعٌ له سر، أو نصٌّ حكيم له سرٌّ قاطع. وهذه السور الـ(29)، بدأت إما بحرف، مثل: ن، ص، ق، وإما بحرفين: مثل: حم، يس، طس؛ وإما بثلاثة أحرف كما في سورة يونس وهود ويوسف وإبراهيم.
ومثل الم، (سورة البقرة، آل عمران، العنكبوت، الروم، السجدة، لقمان).
وإما بأربعة أحرف: المص (سورة الأعراف)، والمر (سورة الرعد).
وإما بخمسة أحرف: كهيعص (سورة مريم)، حم، عسق (سورة الشورى).
وتقرأ هذه الحروف بالوقف، فلا تقول: ألم، كما في ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾، بل نقول: ألف لام ميم.
عجز المفسرون والعلماء في معرفة معناها، ولم يتطرق رسول الله ﷺ، ولا الصّحابة الكرام إلى السّؤال عن معناها، ولا يعلمها إلَّا الله وحده سبحانه.
ونلاحظ أنه إذا بدأت بحرف أو حرفين، مثل: ق أو ص، جاء بعدها ذكر القرآن؛ ﴿قٓ وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْمَجِيدِ﴾، ﴿صٓ وَٱلْقُرْءَانِ ذِى ٱلذِّكْرِ﴾، وبحرفين مثل يس، طه: ﴿يسٓ وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْحَكِيمِ﴾، ﴿طه مَآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْقُرْءَانَ﴾، ﴿حمٓ وَٱلْكِتَٰبِ ٱلْمُبِينِ﴾ (كما في سورة الزخرف والدخان).
وإذا بدأت بثلاثة أحرف أو أكثر، يأتي بعدها ذكر الكتاب؛ أمثلة:
﴿الٓمٓ ذَٰلِكَ ٱلْكِتَٰبُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾.
﴿الٓر تِلْكَ ءَايَٰتُ ٱلْكِتَٰبِ ٱلْحَكِيمِ﴾.
المر (أربعة أحرف)، تلك آيات الكتاب، والذي أنزل إليك، ونلاحظ سبع سور، بدأت حم تلاها ذكر الكتاب، وأما سورة الشورى؛ حم عسق، لم يذكر بعدها الكتاب، ونلاحظ ذكرت كلمة (الكتاب) في (20) سورة من (29) سورة، الّتي ذكرت فيها الأحرف المقطعة. بينما ذكرت كلمة القرآن في (6) سور، وفي سورتين ذكر (القرآن والكتاب) معاً في سورتي الحجر، والنمل.
أما ما قيل بخصوص هذه الأحرف المتقطعة:
1 - إنها نزلت لإثبات عربية القرآن، وإن القرآن نزل بلغة العرب.
فالحروف: الم، ق، ص، وغيرها؛ هي حروف عربية، فهي نزلت لإثبات عربية القرآن.
2 - قيل: هذه الحروف المقطعة؛ نزلت لتحدي العرب؛ فالقرآن يتألف من هذه الأحرف، الّتي تتعلمون بها، فائتوا بمثل هذا القرآن أو الآيات.
3 - قيل: هذه الحروف، تثبت أنّ القرآن منزل من عند الله سبحانه، وليس من عند الرسول؛ فلو كانت من عند الرسول ﷺ، لفسَّرها لنا؛ إذ لا الرسول ﷺ ولا الصّحابة، سألوا عن معناها.
4 - هذه الحروف نزلت، ليتعبد الله سبحانه بها وحده، فهو أنزلها، ثم نقرؤها: ألف لام ميم، فنثاب 30 حسنة، فنعبد الله سبحانه بها، وإن كنا لا ندري ما معناها، ولا الحكمة منها، فإننا نقول: سمعنا وأطعنا، ونؤمن بها، ونقول: ﴿كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾، ولا نقول: ﴿نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ﴾.
5 - حروف استأثر الله سبحانه بعلمها، فهي من المتشابه، الذي لا يعلمه إلَّا الله c.
6 - قيل هي حروف، لها دلالة على أسماء الله الحسنى، وصفاته.
7 - حروف، أقسم الله تبارك وتعالى بها.
8 - قد يكون لها علاقة بسمات التعبير في السور.