سورة الحشر [59:1]
سورة الحشر
ترتيبها في القرآن (59) وترتيبها في النزول (101).
أسباب النّزول: بعد أن انتصر المسلمون في غزوة بدر وعادوا إلى المدينة جاء بنو النّضير (من يهود المدينة) رسولَ الله وعاهدوه على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه ويبقوا على الحياد، وبعد غزوة أُحد أظهروا العداوة لرسول الله ﷺ، ونقضوا عهدهم مع رسول الله ﷺ بعد أن ذهب وفداً من بني النّضير إلى قريش في مكة، وكان كعب بن الأشرف رئيس الوفد، واجتمع كعب بزعيم قريش أبي سفيان، وعاد كعب إلى المدينة فأخبر الله سبحانه نبيَّه بما حصل، وأمر النّبي بقتل كعب بن الأشرف، وأمر الرّسول ﷺ المؤمنين بالمسير إلى بني النّضير بعد أن قُتل كعب بن الأشرف، وأمرهم بالخروج والجلاء عن المدينة المنورة فرفضوا، وانحاز المنافقون إلى جانب بني النّضير وشجعوهم على ألَّا يخرجوا من ديارهم وعاهدوهم إن قاتلكم محمّد وأصحابُه لننصرنَّكم وإن خرجتم للقتال لنخرجنَّ معكم، وحاولوا الغدر برسول الله ﷺ برئاسة عبد الله بن أُبَيٍّ ابن سلول.
وحاصر الرّسول ﷺ وأصحابه بني النّضير (21) يوماً خلالها قذف الله سبحانه الرّعب في قلوب بني النّضير، ويَئِسُوا من مساعدة المنافقين لهم، وسألوا رسول الله ﷺ الصّلح، فقبل على شرط جلائهم عن المدينة بلا رجعة، فنزلت هذه الآيات تصف ما حدث.
﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ﴾:
ارجع إلى سورة الحديد الآية (1) للبيان في معنى سبح لله ما في السموات... وهناك اختلاف بين الآيتين هو تكرار (ما في) مرتين، ففي سورة الصف والحشر قال تعالى: ﴿مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ﴾ بينما في سورة الحديد قال تعالى: ﴿مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ﴾ فقد تبين من مقارنة هذه الآيات إفادة ذكر (ما في) اسم الموصول وفي الظرفية قد يكون للتوكيد، أو هذا التّكرار لوحظ أنه يصحبه عادة الكلام عن أهل الأرض كالجهاد أو القتال في سبيل الله مثلاً، أو يأتي في مقام التّفصيل في البيان والآيات والشمول والاستغراق مثل الفزع والصعق والسجود الذي يشمل أهل الأرض والسموات، وعدم إعادة (ما) اسم الموصول يكون في مواطن الإجمال، أو للتخصيص لأنَّ هناك أشياء ومخلوقات في السموات، ليست موجودة على الأرض أو بالعكس كالملائكة المقربين أو الحافين من حول العرش، حرف (ما) يشمل العاقل وغير العاقل، وهذا التحليل ينطبق للإعادة (ما في) أو إعادة (من في) في كل آيات القرآن.