سورة التحريم [66:1]
سورة التحريم
ترتيبها في القرآن (66) ترتيبها في النزول (107).
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾:
أسباب النزول: أخرج البخاري ومسلم في الصحيحين عن عائشة أنها قالت: (كان رسول الله ﷺ يحب الحَلْواء والعسل، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه، يمكث عند زينب بنت جحش، فيشرب عندها عسلاً، فتواطأتُ أنا؛ أي: عائشة وحفصة أنّ أيّتنا دخل النبي ﷺ عليها، فلتقل له: إني أجد منك ريح مَغَافير؛ أي: تزعم أنها تشم منه رائحة كريهة؛ فدخل على حفصة فقالت ذلك له فحرم رسول الله ﷺ فقال لها بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش، ولن أعود إليه، وسألها أن لا تخبر بذلك أحداً).
والمغافير: نبات كريه الرائحة، أي صمغ حلو له رائحة كريهة من شجر العُرْفُط في الحجاز.
وأما ما ذكرته كتب التفسير في قصة مارية القبطية: كان رسول الله ﷺ يقسم بين نسائه، فلما كان يوم حفصة استأذنت رسول الله ﷺ في زيارة أبيها فأذن لها، فلما خرجت أرسل رسول الله ﷺ إلى مارية القبطية فأدخلها بيت حفصة فوقع عليها، فلما رجعت حفصة وجدت الباب مغلقاً فجلست عند الباب، فخرج رسول الله ﷺ ووجهه يقطر عرقاً، وبكت حفصة وسألها: ما يبكيك؟ فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمتك بيتي ثم وقعت عليها في يومي وعلى فراشي، أما رأيت لي حرمة حقاً! فطلب منها أن لا تخبر أحداً بهذا وقال: هي عليَّ حرام، فلما ذهب رسول الله من عند حفصة أخبرت حفصة عائشة بأن رسول الله ﷺ حرّم مارية القبطية. وهذه رواية عطية العوفي عن ابن عباس، وهي رواية ضعيفة السند. والعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ﴾: نداء تشريف إلى النبي ﷺ، فيه أداة النداء الياء والهاء للتنبيه. ولمعرفة متى ينادى يأيها النبي، أو يأيها الرسول، والفرق بينهما ومتى يذكر اسمه الشريف محمد بدون يا أيها؛ ارجع إلى سورة المائدة آية (41)، وسورة الأحزاب آية (1) للبيان المفصل.
لمَ: اللام حرف جر، ما: الاستفهامية حذفت ألفها؛ لدخول حرف الجر عليها.
﴿تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ﴾: سواء كان العسل أو مارية القبطية، لمَ تحرّم ما أحلّ الله لك من الحلال أو الطيبات.
﴿تَبْتَغِى مَرْضَاتَ أَزْوَٰجِكَ﴾: الابتغاء هو الاجتهاد في الطلب؛ أي: تقصد أو تطلب بذلك التحريم مرضات أزواجك. وماذا قال النبي ﷺ في لفظ التحريم؟ الله سبحانه أعلم به، والفرق بين رضوان الله ومرضات الله تعالى أن رضوان الله؛ أي: أعظم الهنا، وأعظم من مرضات، والرضوان خاص به تعالى، وأكبر من الجنة، والمرضات عامة، قد تأتي في سياق الله سبحانه وسياق غيره كما في هذه الآية.
﴿وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾: غفور صيغة مبالغة من غفر، غفور لمن تاب وأصلح وأناب إلى الله، غفور لما حدث منك من تحريم الطيبات أو الحلال على نفسك.
﴿رَّحِيمٌ﴾: صيغة مبالغة من رحم، رحيم بعباده المؤمنين، يرشدهم إلى طريق الصواب.
ورحيم صفة ثابتة له؛ أي: دائم الرحمة.