سورة الملك [67:1]
سورة الملك
ترتيبها في القرآن (67)، وترتيبها في النزول (77).
وتسمَّى الواقية المنجية من عذاب القبر، كما أخرج التّرمذي عن ابن عباس، قال رسول الله ﷺ: هي المانعة هي المنجية من عذاب القبر.
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال: (إنّ سورة في القرآن ثلاثين آية شفعت لصاحبها حتّى غفر له)، قال التّرمذي: حديث حسن، وما أخرجه الطّبراني والحافظ المقدسي عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: (سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتّى أدخلته الجنة).
تتحدث سورة تبارك عن عظمة الله سبحانه وقدرته ووحدانيَّته، ونعمه وعلمه وإنذاره، والسّمة التّعبيرية فيها الرّحمة مثل قوله: العزيز الغفور، لهم مغفرة وأجر كبير، جعل لكم الأرض ذلولاً وغيرها، وتشير إلى البعث والتوكل على الله.
وذكر اسم الرّحمن فيها (3) مرات.
﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾:
﴿تَبَٰرَكَ﴾: اختلف العلماء في معنى تبارك، قيل: تبارك: تعالى وتعاظم قدره وتنزَّه وتقدَّس عن شبه ما سواه.
تبارك: من البركة والبركة تعن: الكثرة والزّيادة تكاثرت بركته وعمت الخلائق وعظم خيره وإحسانه، فكل البركة من الله تعالى الذي أبدع هذا الكون وأودع بركته فيه.
وقيل: تبارك: اشتقت من برك الجمل: دام وثبت بمعنى الثّبوت، أيْ: دام خيره وإحسانه لخلقه.
وردت كلمة تبارك في تسع آيات في القرآن منها:
﴿أَلَا لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلْأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَٰلَمِينَ﴾ [الأعراف:54].
﴿ثُمَّ أَنشَأْنَٰهُ خَلْقًا ءَاخَرَ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَٰلِقِينَ﴾ [المؤمنون:14].
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِى نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِۦ﴾ [الفرقان:1].
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِىٓ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِّن ذَٰلِكَ﴾ [الفرقان:10].
﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِى جَعَلَ فِى ٱلسَّمَآءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَٰجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا﴾ [الفرقان:61].
﴿ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَٰلَمِينَ﴾ [غافر:64].
﴿وَتَبَارَكَ ٱلَّذِى لَهُۥ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ﴾ [الزخرف:85].
﴿تَبَٰرَكَ ٱسْمُ رَبِّكَ ذِى ٱلْجَلَٰلِ وَٱلْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن:78].
﴿تَبَٰرَكَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الملك:1].
وكلمة تبارك أو سبحانك لا تستعمل إلا لله تعالى وحده، وردت تبارك في سبع آيات بالألف الممدودة، وتبارك الخنجرية في سورة الرّحمن والملك؛ مما يدل على أنّ كتابة القرآن أمر توقيفي.
﴿ٱلَّذِى﴾: اسم موصول يدل على التّعظيم.
﴿بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ﴾: بضم الميم، أي: الحُكم فهو الحاكم، حاكم السموات والأرض وما فيهنَّ ولا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل، بيده: أيْ: هو المتصرف بملكه كيف يشاء يُعز من يشاء ويُذل من يشاء يؤتي المُلك من يشاء وينزع المُلك ممن يشاء.
وهناك كلمة مِلك بكسر الميم: تعني: الملكية؛ أي: ما يُمْلَك، وكل ما يُمْلَك فهو مِلْك؛ فهو سبحانه يملك السموات وما فيهنَّ والأرض وما فيها، فكل شيء هو ملكه وحده وما نحن إلا مستخلفين في بعض هذا الملك كما قال تعالى: ﴿وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ﴾ [الحديد:7]، فهو مالك المُلك: المالك الحقيقي والحاكم الدائم لا شريك له، له الخلق وله الأمر الحي القيوم.
﴿وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾: هو: ضمير فصل يفيد التّوكيد، شيء: نكرة تشمل كلّ شيء مهما كان نوعه وشكله وحجمه ووزنه ولونه وجنسه، قدير: التّام القدرة لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السّماء، فإذا أراد شيئاً فإنما يقول له: كن، فيكون، قدير: صيغة مبالغة لقادر، قادر على أن يخلق ما يشاء ويفعل ما يشاء، قدير؛ لأنه هو الحاكم ومالك الملك والعليم والحكيم.