سورة الأنفال [8:1]
سورة الأنفال
ترتيبها في القرآن (8)، وترتيبها في النزول (88).
﴿يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلْأَنفَالِ قُلِ ٱلْأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُوا۟ ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾:
﴿يَسْـَٔلُونَكَ﴾: ارجع إلى سورة البقرة، آية (215)؛ لبيان المعنى.
﴿يَسْـَٔلُونَكَ عَنِ ٱلْأَنفَالِ﴾: يسألونك: جاءت بصيغة المضارع، ولم يقل سألوك للدلالة على تكرار وتجدد السؤال، فالسؤال عن الأنفال سوف يتكرر في المستقبل، أو يدل على كثرة السائلين عن الأنفال، وقال تعالى: يسئلونك، ولم يبدأ بالواو، ولم يقل: ويسئلونك، ذكر الواو يدل على أنه سؤال من عدة أسئلة، وعدم ذكر الواو يدل على أنه سؤال وحيد لم ترافقه أسئلة أخرى، والأنفال: هي الغنائم الحربية الّتي تؤخذ من العدو بقتال، وهي جمع نفل، والنّفل: هنا يعني: الغنيمة، أما ما يؤخذ من العدو من دون قتال فيُسمَّى: الفيء، والّذين يسألون: هم الصّحابة الّذين حضروا معركة، أو غزوة بدر الكبرى، يسألون رسول الله ﷺ عن حكم الغنائم؛ أي: كيف توزع؛ لأنّهم اختلفوا في كيفية قسمتها؛ أيْ: توزيعها؛ فجاء الرّدُّ.
﴿ٱلْأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾: أيْ: حكمها لله والرّسول، وقد بيَّنت الآية (41) من سورة الأنفال كيف توزَّع؛ حيث قال سبحانه: ﴿وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَىْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِى ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ﴾.
﴿قُلِ ٱلْأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ﴾: لله: اللام: لام الاختصاص، أو الاستحقاق، وأضاف الرسول، ولم يقل: وللرسول؛ لأن ما لله تعالى هو ما لرسوله ﷺ.
﴿فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُوا۟ ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾: التقوى: هو امتثال أوامر الله، وطاعته، وتجنب نواهيه؛ كي تتَّقوا سخطه، وغضبه، وناره، وأصلحوا ذات بينكم: بترك، أو حل الشّقاق، والنّزاع، والخلاف في مسألة الغنائم، وغيرها من المسائل الاجتماعية، والدِّينية.
﴿وَأَصْلِحُوا۟ ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾: البين: هو ما بين شيئين، أو يربط بين شيئين، وتُسمَّى الصّلة، أو البين، وذات تعني: صاحبة؛ أيْ: أزيلوا الخلاف، أو الفاصل، أو الخصام الّذي ينشأ بينكم؛ لأي سبب.
والصلاح: فعل كل ما يتمكَّن به من الخير، أو يتخلص به من الشر.
والإصلاح: يتم بتربية النّفوس على الفضائل، والأخلاق، والأعمال الصّالحة.
﴿وَأَطِيعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓ﴾: في كلِّ ما يأمرانكم به، أو ينهيانكم عنه، وطاعة الرّسول هي طاعة لله سبحانه. ارجع إلى الآية (32) من سورة آل عمران؛ لمزيد من البيان.
﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾: إن: شرطية، وجواب الشّرط محذوف دل عليه ما قاله؛ أي: إن كنتم مؤمنين؛ فاتقوا الله، وأصلحوا ذات بينكم، وأطيعوا الله ورسوله.